الحركة الثقافية الأمازيغية و ظروف نشأتها
تعتبر الحركة الثقافية الأمازيغية من بين أهم مخلفات النضال الأمازيغي المشروع بحيث إنتحت مضامين و تيمات إنسانية و إحتجاجية قصد مجابهة الآخر و إثبات الذات فإذا كانت الحركة الثقافية الأمازيغية قد إستطاعة أن تبلور مشروعها و تكرس خطابها الأمازيغي داخل الفضاء الجامعي فإنها بذلك قد جسدت مرحلة جد حساسة في تاريخ النضال الأمازيغي.
إن الحديث عن الحركة الثقافية الأمازيغية يجرنا إلى النبش في الإرهاصات الأولية لظهورها بحيث لا يمكن إفتراء بأنها ولدت من عدم، بل إن المتأمل لنضالات إمازيغن سيدرك منذ الوهلة الأولى بأنها كانت نتيجة حتمية لإرهاصات أولية منبثقة من وعي ذاتي و جاد، فهي بهذا المنحى تتابع ما قد بنته المقاومة الأمازيغية في الريف و الأطلس وسوس من تضحيات جسيمة من أجل نيل الحرية و الشرف و العز، وهي تكميل أيضا لنضال جيش التحرير الوطني الذي انبثق من القبائل الأمازيغية ليكون في مستوى تطلعات الشعوب التواقة إلى الحرية.
نعم، قد إستطاعت الحركة الثقافية الأمازيغية بعد إعلان ميثاق أغادير غشت 1991 بأن تكرس الخطاب الأمازيغي داخل الفضاء الجامعي متخذة بذلك أروع وأبهى صور النضال الأمازيغي، بحيث اعتنقت أربعة مبادئ أساسيـية وهي : العقلانية و الإستقلالية ثم الديموقراطية و الجماهيرية.
فالعقلانية هي المحركة للتاريخ و الوجود بحيث يمكن القول بأن الخطاب العقلاني هو الذي سوف يجعل من الممارسة السياسية قيمتها العليا و ذلك كون الخطاب العقلاني هو الركيزة الأساسية لتجنب صدام –الدوغمائية- إن صح التعبير.
فحينما اعتنقت العقلانية أرادت أن تخلق بذلك مناخاً مغايرا لما كان سائداً بحيث عرفت الجامعة المغربية نشوب صدامات بين مجموعة من التيارات الإسلاموية و اليسارية، فهي كانت تؤمن بإرادة الحوار ونبذ العنف و الإقصاء و التهميش و اعتبرت الحقيقة نسبية و ليست مطلقة كما كان الإعتقاد سائداً.
أما فيما يتعلق بالإستقلالية، فهي تمثل أهم شئ في تاريخ النضال الأمازيغي، بحيث تعمد مناضلوا الحركة الثقافية الأمازيغية أن يستقلوا بذاتهم عن المخزن و الأحزاب السياسية، ليخلقلوا بذلك تنظيما مستقلا بذاته وليس مسيرا من لدن الأحزاب أو المخزن و هذا ما مكنهم من الإرتقاء من المطالب الثقافية الهوياتية إلى المطالب السياسية المتمثلة في اعتبار اللغة الأمازيغية لغة وطنية و رسمية، كما هو الشأن بالنسبة للغة العربية.
وقد نظرت الحركة الثقافية الأمازيغية إلى الديمقراطية و الجماهيرية بنظرةٍ متسمة بالواقعية بحيث لا يمكن القول أنه يمكن الولوج إلى دولة الحق و القانون دون تكريس الديموقراطية و الجماهيرية، فالديموقراطية الحقيقية تعني دسترة الأمازيغية و النهوض بالمناطق التي كانت تسمى ببلاد السيبة، قصد رد الإعتبار للذات المغربية، فالديمقراطية تعني أيضا المساواة بين اللغة الأمازيغية و العربية، أما الجماهيرية فهي قمة الديموقراطية بحيث أن الفعل الجماهري غالبا ما يعطي ثماره الإيجابية في تناوله لمسائل معينة ولهذا نعتقد أنه حينما تطرح القضية الأمازيغية طرحا جماهيريا، آنذاك، يمكن القول يأننا دخلنا في الديمقراطية الحقيقية، وهذه هي التي يمكن بها أن نتحدث عن حقوق الإنسان في امتلاكه للغة باعتبارها حقا طبيعيا و مدنيا للإنسان.
من هنا نستشف أن الحركة الثقافية الأمازيغية قد انبثقت انبثاقا سحريا باعتبارها بمثابة حركة الوعي التي إحتجت على الواقع المزري قصد إعادة الإعتبار لمجموعة من المفاهيم التي كانت تعتبر سابقا ضمن المحرم اللساني أو الطابو.
mca kenitra
الأربعاء مارس 21, 2007 11:22 am
