[color:9c79=black:9c79]مهما حاول التهميش والإقصاء يعشش بين فضاءات تخوم تامازغا إلا وظلت الثقافة بكل تعبيراتها هاجسا يوميا لمعانقة سؤال الذات والموضوع كخيار استراتيجي لمواجهة فداحة اليومي الذي يسعى جاهدا إلى اجتثاث كيان بريء لا يطمح سوى إلى كسرة خبز وجرعة ماء
ومهما شاءت النكبات والسنوات العجاف أن تفاجئ الشجرة والبشر إلا واستقامت عروس المطر في بلاد تامزغا صوتا لكيان لا ترهبه النكسات أو الفقر أو التطويع جاهرا بمبدئية الحق الكلي في الوجود.فينتظم حضاريا ...حداثيا لنقد التقليد وبناء تراث المستقبل بشكل جد متفتح يستوعب مفاهيم التعايش والتجانس بعيدا عن كل الأحقاد والكراهية لتحاشي بؤر التوتر والاصطدام وسفك الدماء واغتصاب النساء..........
فرغم سوداوية الواقع والتراجيدية يمكث السؤال الثقافي الرهان الحضاري الواحد في ظل وضعية جهنمية لا ترحم الصغير ولا الكبير ....
فيأتيك من أقاصي المسافات الصوت الشعري المضمخ بعطر الكبرياء.باسم شاعرة تجيد طرز النغم البلاغي وفتل بيان اللغة الأمازيغية كسلاح لا تراجع عنه لمقاومة الطغيان وبناء الذات من رحم العشق التراثي .حينها تلامس الأذن عبقرية الإبداع وزاخمة اللغة وسحر الاسطيتيقيا النابع من تجربة الإبداع لمبدعة أمازيغية مهمشة مقصية من فضاء المؤسسات لكنها حاضرة في فناء الطبيعة التي لا تحتاج للبروتوكولات الإيديولوجية.مسجلة حضورها رغم انف التهميش العنيد .
تقول الأذن المفتونة بعبق شعرها...تالله إنها شاعرة تستحق الاحتضان لإغناء ثقافتنا الشعبية الجزء الآخر من شخصيتنا الحضارية .والشعر عندها وجود يومي مرتبط بالحقل والعمل .ويرفض المناسباتية والمواسم لأنه كيان أزلي لحفظ الذاكرة من كل تشوه ومسخ وميوعة......
ولإنشاد أو الإبداع لا تجد ثمة صعوبة كما تحكي.وذلك نعمة وهبة الاهية..
((( دربي ئيديوشين اوار ئينو ئيسكاد مرمي منيغد تجماعت تيري اوار ئينو ئيسكاد))) فتملأ الحقل أدبا وعشقا بلهيب الشعر الذي لا يمل مناجية رب الحلم واله الإبداع.
فتمرحنا بلحظة سعادة وأمل طالما انتظرناه على نار محدقة..
هكذا عودتنا أن الحياة تصنع والأمل كذلك فلم فقدان حلم ولو بعيد لان شر الزمان شئ لا بد منه
فشكرا لشاعرة امازيغية عرفت كيف تصنع الحياة من أتون الموت والإملاق ..وليس هدا بجديد أو حديث إذا ما سألنا الروم والفينيقيين والوندال والعرب .......ومرجعنا في هدا الشأن =كل من هيرودوت..وهوميروس..والتوراة..والتاريخ الفرعوني بشكل خاص حتى لا يقال أن في الأمر من مبالغة وهذه الأدلة القطعية تؤكد لنا بان الأدب عامة لا يكتب في القصور ولا تكتبه الأميرات ...فمن يكتبه يا ترى غير المهمشين والفقراء والمسحوقين ...العبيد لا النبلاء كما شهد التاريخ
وعلى نفس وتيرة الثورة الثقافية سلكت الشاعرة الامازيغية نهجها القويم ضدا على ما كل ما من شانه أن يبدد أحلامها .فآل شعرها مآل السلاح مزعزعة معادلة إيديولوجية انبنت على ترهات لا علاقة لها بواقع الإنسانية إطلاقا ..كان على الجميع إن يطلع على هذه التجربة ولا يحرم منها إلا أن المؤرخ الرسمي يأبى لكونه يخاف من ضعفه ومن شطحاته الصوفية أمام عامة الناس وهم المهمشين_الأقوياء-الضعفاء تلك إذن صورة شاعرة أمازيغية لا تعرف التملق ولا التوسل ولا الاسترزاق ولو هي من المغضوب عليهم.......فنعلة للمقصلة ...وللهولوكست.....التي تعرضت لها طول تاريخها .
لكن عنادها أقوى حد الأسطورة فظلت معاندة للزمن الأغبر بقوة الشعر الذي لا ينضب بين الحقول والوديان عاشقة سؤال الممكن والمستحيل كأفق لاستشراف الغد برؤية طموحة تكسر كل الاكراهات المصطنعة بيدين لا يحملان غير خبز احرش جاف وشعر معتق يفيض تحديا وصمودا أبديا ليدرك الأخر من سيكون المهمش والمقصي في نهاية المطاف ......المطاف
هي المبدعة الامازيغية من عاشت فقيرة وماتت غنية وليس في دمتها شيء....غير عشقها لوطن لا يستحق الفقر ولو مرة واحدة في العمر ..وغير إخلاص لتراث الثقافة الشعبية كمتنفس لرجم الغروب حتى لايتعربد..ومن خلاله كانت تنحت المرآة لترى وجهها المحروم والمغبون...تراه لتقر بنفسها حين تنكرها الاقلام المأجورة التي لا تحن سوى لولائم الزعتر والنبيد...
فعلا هذا هو واقع امرأة وواقع امازيغي مكبوت مقموع بشكل غير معلن عنه كما عشنا وعايشنا حرقة واقع مرير لاتعرفه غير الأكراد... وباقي شعوب الشتات
عار أن نحرم من لغتنا وأدبنا وقصصنا ويحرم أبناءنا من أسماء أجدادهم وكل شي من هذا القبيل يعتبر ه الطاغوت نزعة تمردية وعصيان على قوانين ارتودوكسية لاتخدم غير أقلية ديلية ليس لها انتماء شرفي ..ليس لها غير التخمة والجشع لامتصاص خيرات فلاح يعشق الأرض والشعر والمطر.مؤمنا بإفناء ذاته في دالك فيعتكف أو يتوحد.كما عودتنا الشاعرة الامازيغية (بازرانها) وهي تدرف دمع السؤال والعشق والمستحيل .....
فنهارها شعر وحقل وكد.........وليلها( ثنفوست)الحكاية وحناء والرحى..... تحب الإبداع لتحب الإنسان الآخر الذي هو أخ وخل وصديق لان الإنسان لا يعيش بالخبز وحده .وهدا ما يلفت انتباهنا إلى قول الشاعرة وهي ترفض نفسها في المزاد العلني وفي سوق النخاسة
ايا سيدي بابا مضغريش متين
متين اتقض يجيك مكتيدرن
................................
اتيبريغين اناغ رمراك والو والو
غاكنت اروض نكنت اتوشنت داريغالو
والحياة عندها شيء مقدس ومقدر لا يجب أن يهان فيها أي كان والإبداع الشعري عندها حضي بنفس المكانة والاحترام فتسمع (اعدر اوار ئينك) معنى أن القول يجب أن يكون أو لا يكون والإنسان يشهد عليه من خلال كلامه
والشاعر(ة) الامازيغي(ة) رافضا(ة) لكل الميوعة والكلام الساقط
اقساغ فوس ئينو اوسعديرغ اقسي
تقساي ميمونت نسروان او سعديرخ اوصي
مما يتضح لنا وبالملموس على أن الإبداع عند الأمازيغ عموما شكل ارتباطا وثيقا بالكرامة والكبرياء والمروءة...فظل يستقي مرجعيته من التراث والعرف والتقليد.لان الشعر كما نستشف من قول الشاعرة خصوصا يتجاوز مفهوم الكلام المنظم والموزون...والمقفى
إنه الوجود التاريخي والثقافي الانساني ليس بأسلوب التهريج والصخب والتسلية...بل عرف ثقافي لإثبات الكيان الأنطلوجي زمن السلم والحرب
وقد مارست الامازيغية هدا الأسلوب الأدبي الجميل تعبيرا عن مدى تقديرها لحب المعرفة الإنسانية.أو حتى تثبت لنا بان الإنسان بدون ثقافة عنصر سلبي بامتياز لا باستطاعته صنع أي أمل أو طموح يسعد البشرية ..
وهدا يتنافى مع القيم المثلى للإنسانية ليستمر وجودها خارج العبث الكوني
فطوبى للشاعرة التي تفطنت لمثل هده المبادئ التي لا تقبل الإهمال أو المساومة أو النسيان...تكريسا للحد الأدنى بيننا على الأقل..
فان كان الشعر عندها مقاومة وحياة وتاريخ ووجدان.وتراث......
فإنها مثلت عند التجربة الشعرية :الأديبة والمؤرخة والإعلامية والمناضلة...لأنها كانت عبر مختلف تجاربها تعكس التاريخ والتأريخ لان الإبداع قبل كل شيء التزام ثقافي ينبع من تقدير التراث الذي هو مرآتنا....
واليوم لنا الفخر في شرف المبادرة التي حملت مشعلها الامازيغية بالرغم من قساوة الظروف الحالكة :
اتسينو ثفيروت ئينو اتسياح كي رمراح
ادعدار ئيوجماع ادعدار ئيوسماح
وطرح الإشكال عندها في المواقف الصعبة يستند لرؤية واسعة بدل أي تسرع أو استسلام .لأنها وبكل صراحة امرأة المواقف الصعبة كما عودنا التاريخ .من تينهينان الى زينب النفزاوية وديهيا وبويا.......
حتى نتأكد بأن ايا رل بويا ..جملة تاريخية أكثر مما هي شعرية
تثبت لنا وبالملموس على أن الشعر عند الامازيغ حضي باهتمام بالغ من طرف الامبراطوريات لأنه شكل الوجدان الأسمى عند مختلف الفئات العمرية
انه الأدب الجميل الذي عانق الموت لتسود الحياة ليسود الجمال ضد كل قبح محتمل، فليس من حق احد أن يعبث بهذا الصوت الجميل كما تحاول أن تعبر الشاعرة الامازيغية في هدا البيت:
ايامسجلة امغاسغ ئيفيرن تكسيد اوارن ئينو
تسزويتان ئيومان
فالغيرة على القول الشعري دلالة عن قدسية هذا الفن التعبيري عند عامة امة تامازغا والذي تلي في الكهوف والأغوار وقدمت به القرابين للآلهات.....كما وظف لشفاء الأمراض والجنون
والى حد هده الكتابة البسيطة يبقى الشعر الامازيغي وجداننا الجريح غني وحكيم لكنه ممنوع ومقموع فأي ديموقراطية في ظل هدا القمع الثقافي والديكتاتورية اللغوية.
محمد أسويق[/size]